سورة يوسف - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


أرادتْ أن يغلب عليهن استحقاقُ الملامة، وتَنْفِيَ عن نفسها أن تكون لها أهلاً، ففعلت بهن ما عَمِلَتْ، فلمَّا رأينه تَغَيَّرْنَ وتحيَّرْنَ ونطقن بخلاف التمييز، فقلن: {مَا هَذَا بَشَرَاً}: وقد كان بشراً، وقلن: {إنْ هَذَا إلاَّ مَلِكٌ كَرِيمٌ}: ولم يكن مَلَكاً.
قوله: {فَذَلِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ}: أثَّرَتْ رويتُهن له فيهن فَقَطَّعْنَ أيديَهن بدل الثمار، ولم يشعرن، وضعفن بذلك عندها فقالت: ألم أقل لكن؟ أنتن لم تتمالكن حتى قطّعْتنَّ أيديَكُنَّ! فكيف أصبر وهو في منزلي؟! وفي معناه أنشدوا:
(أنت عند الخصام عدوي............................)
ويقال إن امرأة العزيز كانت أَتَم في حديث يوسف- عليه السلام- من النسوة فَأَثَّرَتْ رؤيتُه فيهن ولم تُؤَثِّرْ فيها، والتَّغَيُّرُ صفة أهل الابتداء في الأمر، فإذا دام المعنى زال التغيُّر؛ قال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- لمن رآه يبكي وهو قريب العهد في الإسلام: هكذا كُنَّا حتى قَسَتْ القلوبَ. أي وقَرَتْ وصَلُبَتْ. وكذا الحريق أول ما يطرح فيها الماء يُسْمَعُ له صوتٌ فإذا تَعَوَّدَ شُرْبَ الماء سَكَنَ فلا يُسْمعُ له صوت.


الاختبار مقرونٌ بالاختيار؛ ولو تمنَّى العافية بدل ما كان يُدْعى إليه لعلَّه كان يُعَافَى، ولكنه لما قال: {الِسّجْنُ أَحَبُّ إلَّى مِمَّا يَدْعُونَنِى إلَيْهِ} طُولِبَ بِصِدْق ما قال.
ويقال إن يوسف عليه السلام نَطَقَ من عين التوحيد حيث قال: {وَإلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} فقد عَلمَ أن نجاته في أن يَصْرِفَ- سبحانه- البلاَءَ عنه لا بتكلُّفِه ولا بتَجنبِه.
ويقال لمَّا آثر يوسفُ- عليه السلام- لحوقَ المشقة في اللَّهِ على لِّّذة نفسه آثره عَصْرُه حتى قيل له: {تَاللَّهِ لَقَدْ ءَاثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 91].


لمَّا رجع إلى الله بصدق الاستغاثة تداركه الله سبحانه بوشيكِ الإغاثة كذلك ما اغبرَّ لأحدٍ- في الله تعالى- قَدَمٌ إلاَّ روَّحه بِكَرَمِه وتولاَّه بِنِعَمِه- إنه هو: {السَّمِيعُ} لأقوال السائلين، {العَلِيمُ} بأحوالهم.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13